الفوضى الداخلية كلمة نسمعها دائما وهي حالة من الاضطراب النفسي والعاطفي التي يعيشها الفرد، حيث يشعر بعدم التوازن والارتباك في أفكاره ومشاعره. تتجلى هذه الفوضى في تصاعد التوترات الداخلية، وصعوبة اتخاذ القرارات، والشعور بالضياع و انعدام اتصاله بذاته فيكون في حالة فوضى داخلية مسنمرة
قال تعالى : ( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)
هل فكرت ماهي الذات .. في قوله ( في أنفسهم) ..؟
تُعتبر الذات عبارة عن مفهوم يتجاوز الحدود الظاهرة للجسد أو الشخصية، فهي تنبض بعمق الانتماء والتجربة الإنسانية. تمثل الذات جوهر الفرد، وقد ذكر أنها تتكون من مجموعة من الأفكار والمشاعر والأحاسيس التي تحدد كيفية رؤيتنا لأنفسنا وللعالم من حولنا
يجعله يفقد السكينة الداخلية وتصبح دائرته في عالم الظلمات
و عبر العصور، سعى الفلاسفة لاستكشاف طبيعة الذات. من أفكار ديكارت، الذي قال “أنا أفكر، إذًا أنا موجود”، إلى هيجل الذي رأى الذات كعملية تطورية، يتضح لنا أن مفهوم الذات ليس ثابتًا، بل هو ديناميكي ومتغير. كل تجربة نمر بها تضيف بُعدًا جديدًا .
وعلى مر الزمن يظن البشر أنهم يملكون ذواتهم وينسون نسبها لله ولنا في إبراهيم عليه السلام عبرة .
فهو في يشهد ان ذاته ونفسه لله رب العالمين : ( قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )
لم يترك القرآن الكريم مجالا إلا وقد اجابه و فصله أيضا , وكل العبادات ماهي إلا تؤكد علاجا للأنسان ومشاكله و مواقفه و مايتعرض له من فوضى داخلية في ذاته ,
فالله عز وجل : ( للَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ)
أن فتح بوابات الذات تكمن في عدة أمور أولها الإقرار الكامل بما ذكر إبراهيم عليه السلام حينما نقى جيناته وسلالته و في كتاب الله تنظيم لحياة هذا النبي الذي ذكر الله عز وجل انه ( خليل الله ) .
ثم الوصول لعمق المشاعر في عالم الذات المظلم ,
فالتمكين يحتاج إلى أن يصل الإنسان الى حالة سماها القرآن الكريم ( المقربون )
والوصول لتلك المرحلة تتلخص في الأية التالية : ( التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) الاية 111 سورة التوبة